الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة المهرجان الدولي للسينما بمرسيليا: الجائزة الكبرى من نصيب المخرج الشيلي اينياسو آغويرو والجزائري جمال كركر يتحصل على جائزة أول عمل

نشر في  19 جويلية 2016  (14:49)

بقلم مراسلنا بمرسيليا الطاهر الشيخاوي 

نزل الستار على الدورة 27 للمهرجان الدولي للسينما بمرسيليا البارحة بقاعة العروض بالفيلا ميديتيراني في حفل تم فيه توزيع الجوائز. وكان الفائز بالجائزة الأولى المخرج الشيلي اينياسو آغويرو بفلمه « Come me da la gana II » (كما يحلو لي 2)، وهو تتمة لعمل قام به سابقا سنة 1985 يحمل نفس العنوان (كما يحلو لي 1) وذلك تحت نظام بينوشي الديكتاتوري حول السينما وماهيتها. كما تحصل جمال كركر المخرج الجزائري الشاب على جائزة أول عمل، وعنوان فلمه هو «أطلال» سوف نتعرض له في مقال لاحق.

من الواضح أن الظرف الذي انعقدت فيه هذه الدورة لم يكن عاديا. أولا انطلقت فعالياته مباشرة بعد ألعاب كرة القدم الأوروبية والتي شابتها بمرسيليا أعمال عنف تناقلتها كافة وسائل الإعلام، ثم جاءت العملية الإرهابية بنيس بعد يومين فقط من انطلاق المهرجان لتعكر الجو.

كما لم يساهم الميسترال (وهي ريح قوية عرفت بها منطقة مرسيليا) في توفير جو ممتع بالنسبة لمتابعي المهرجان.

وبصفة عامة خيمت على المهرجان حالة من الفتور ناتجة بالتأكيد على الأوضاع الإقتصادية العامة والتراجع في تمويل المهرجان بالرغم من أنه يحظى بأكبر دعم بالمقارنة مع المهرجانات الأخرى.

ولكن مع ذلك كله تمت فعاليات المهرجان بنجاح وشهدت قاعات السينما إقبالا لا يستهان به. فيبقى الفيد موعدا صيفيا هاما في مرسيليا ومناسبة بالنسبة لمحبي السينما لمشاهدة العديد من الأعمال القيمة والحديثة القادمة من جميع أنحاء العالم.

لم تكن الأسماء المشاركة في المهرجان كلها معروفة، وتلك هي فلسفة التظاهرة التي تسعى إلى اكتشاف مواهب جديدة وشابة ولكن لم يخل البرنامج من قامات كبرى وذلك في كافة أقسام المهرجان.

ومن بين هذه القامات، نذكر السينمائي الكوري المشهور هونغ سانغ سو الذي كرّمه المهرجان من خلال عرض 17 شريطا. وكانت فرصةً تعـرّف فيها شباب مرسيليا على واحد من أهم مخرجي آسيا، وتجدر الإشارة إلى أن هونغ سان سو يتمتع بشهرة كبيرة هنا في فرنسا لعدة أسباب من بينها ما تحمله أعماله من أوجه شبه مع السينما الفرنسية. فكثيرا ما تمت مقارنته بايريك رومير أحد أهم رموز الموجة الجديدة الفرنسية. فإعادة مشاهدة أعماله تجعلك تدرك تماسك أسلوبه: يبدو لك انه يحكي دوما نفس الحكاية: سينمائي يدرس في معهد السينما متزوج وله علاقة مع طالبة، علاقة حب معقدة بسبب السلطة المعنوية للأستاذ السينمائي الذي يتسم في نفس الوقت بهشاشة نفسية تجعله يتصرف بطريقة غير عادية. وغالبا ما يكون السرد ملتويا مجانبا للخطية الكلاسيكية حيث تتغير وجهات النظر فتروى الحكاية من زوايا مختلفة إلخ، سينما غير مكلفة تتقاطع فيها الهموم العاطفية بالهموم السينمائية في معالجة رهيفة ولطيفة.

ثم هناك وجوه معروفة من السينما العالمية كباتريسيو غوسمان المخرج الوثائقي الشيلي المعروف الذي قدم ما يسمى بالماستير كلاس أي محاضرة في شكل درس حول السينما كما يراها وكما مارسها وذلك يوم 14 جويلية بمتحف حضارات أوروبا والمتوسط، وبالتوازي تم عرض فيلمين من أفلامه الأخيرة وهي «صليب الجنوب» 1990 و«مثال بينوشي» 2001.

يمكن كذلك الإشارة إلى لبيرتران بونيلو المخرج الفرنسي المشهور الذي عرض له فيلم قصير بعنوان «سرى وينشستير الأوبيرا الشبح»، وكان أول عرض عالمي وقد تحصل على جائزة المركز الثقافي.

كما اقترح المهرجان على جمهوره «موت لويس الرابع عشر» لألبير سيرا المخرج الإسباني الشهير والذي كان قد عرض في مهرجان كان، شريط في غاية من الجمال والعمق.

ولكن أغلب المخرجين المشاركين في المهرجان هم غير معروفين والعديد منهم لا يزال في بداية طريقه، وهذا يعد من مزايا مهرجان الفيد الذي يحاول المراهنة على مواهب ناشئة تمارس أشكالا جديدة من الإبداع السينمائي. أما بالنسبة للسينما العربية فسوف نتطرق لها في مقال لاحق.